اليابان تضع نفسها في مكانة رائدة في صناعة أشباه الموصلات من خلال الابتكار والاستثمار.

في السنوات الأخيرة، أصبحت صناعة أشباه الموصلات العالمية جزءا لا يتجزأ من المنافسة بين الصين والولايات المتحدة، حيث تخوض هاتان القوتان العالميتان صراعا من أجل الهيمنة التكنولوجية.وعلى نحو متزايد، تسعى بلدان أخرى إلى الاضطلاع بدور أكبر في الصناعة ــ بما في ذلك اليابان، التي تتمتع بتاريخ طويل من الابتكار في هذا المجال.
 
يعود تاريخ صناعة أشباه الموصلات في اليابان إلى ستينيات القرن العشرين، عندما بدأت شركات مثل توشيبا وهيتاشي في تطوير تقنيات متقدمة لتصنيع الرقائق.وكانت هذه الشركات في طليعة الابتكار خلال الثمانينيات والتسعينيات، مما ساعد على ترسيخ مكانة اليابان كشركة رائدة عالميًا في إنتاج أشباه الموصلات.

واليوم، لا تزال اليابان لاعبًا رئيسيًا في هذه الصناعة، حيث يوجد العديد من أكبر صانعي الرقائق في البلاد.على سبيل المثال، تمتلك شركات Renesas Electronics وRohm وMitsubishi Electric عمليات كبيرة في اليابان.هذه الشركات مسؤولة عن تطوير وإنتاج مجموعة واسعة من أشباه الموصلات، بما في ذلك وحدات التحكم الدقيقة ورقائق الذاكرة وأجهزة الطاقة.
 
وبينما تتنافس الصين والولايات المتحدة على الهيمنة في الصناعة، تسعى اليابان إلى الاستثمار بكثافة في قطاع أشباه الموصلات لديها لضمان بقاء شركاتها قادرة على المنافسة على الساحة العالمية.ولتحقيق هذه الغاية، أنشأت الحكومة اليابانية مركزًا جديدًا للابتكار يركز على قيادة التقدم التكنولوجي في الصناعة.ويتطلع المركز إلى تطوير تقنيات جديدة يمكنها تحسين أداء وجودة وموثوقية أشباه الموصلات، بهدف ضمان بقاء الشركات اليابانية في طليعة الصناعة.
 
علاوة على ذلك، تعمل اليابان أيضًا على تعزيز سلسلة التوريد المحلية الخاصة بها.ويتم ذلك جزئيًا من خلال الجهود المبذولة لزيادة التعاون بين الصناعة والأوساط الأكاديمية.على سبيل المثال، أنشأت الحكومة برنامجا جديدا يوفر التمويل للبحوث الأكاديمية حول التكنولوجيات المرتبطة بأشباه الموصلات.ومن خلال توفير حوافز للتعاون بين الصناعة والباحثين الأكاديميين، تأمل اليابان في تطوير تقنيات جديدة وتحسين وضعها التنافسي في الصناعة.
 
بشكل عام، ليس هناك شك في أن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة قد فرضت ضغوطًا على صناعة أشباه الموصلات العالمية.وبالنسبة لدول مثل اليابان، خلق هذا تحديات وفرصًا.ولكن من خلال الاستثمار في الابتكار والتعاون، تضع اليابان نفسها في وضع يمكنها من لعب دور متزايد الأهمية في سلسلة توريد الرقائق العالمية.
 
وتستثمر اليابان أيضًا بكثافة في تطوير الجيل التالي من أشباه الموصلات، بما في ذلك تلك التي تعتمد على مواد جديدة مثل كربيد السيليكون ونيتريد الغاليوم.تتمتع هذه المواد بالقدرة على إحداث ثورة في الصناعات من خلال توفير سرعات أعلى وكفاءة أعلى واستهلاك أقل للطاقة.ومن خلال الاستثمار في هذه التقنيات، تستعد اليابان للاستفادة من الطلب المتزايد على أشباه الموصلات عالية الأداء.
 
وبالإضافة إلى ذلك، تسعى اليابان أيضًا إلى توسيع طاقتها الإنتاجية لتلبية الطلب العالمي المتزايد على أشباه الموصلات.ويتم تحقيق ذلك من خلال الشراكات بين الشركات اليابانية والأجنبية والاستثمارات في مرافق التصنيع الجديدة.في عام 2020، على سبيل المثال، أعلنت الحكومة اليابانية عن استثمار بقيمة 2 مليار دولار في منشأة جديدة لتصنيع الرقائق الدقيقة تم تطويرها بالشراكة مع شركة تايوانية.
 
المجال الآخر الذي حققت فيه اليابان خطوات كبيرة في صناعة أشباه الموصلات هو تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلم الآلي (ML).ويتم دمج هذه التقنيات بشكل متزايد في أشباه الموصلات والمكونات الإلكترونية الأخرى، وتضع اليابان نفسها في طليعة هذا الاتجاه.
 
بشكل عام، تظل صناعة أشباه الموصلات في اليابان قوة رئيسية في السوق العالمية، وتتخذ البلاد خطوات لضمان بقائها قادرة على المنافسة في مواجهة المنافسة المتزايدة من الصين والولايات المتحدة.ومن خلال الاستثمار في الابتكار والتعاون والتصنيع المتقدم، تضع اليابان نفسها في وضع يسمح لها بالاستمرار في لعب دور مهم في الصناعة والمساعدة في دفع ابتكارات أشباه الموصلات إلى الأمام.
 


وقت النشر: 29-مايو-2023